حدوث انقلاب داخل السلطة أدى الى التضحية ببن علي مقابل الحفاظ على هيمنة "التجمع" على السلطة. ضمن هذا المنظور يمكن أن نفهم سر الاصرار على استمرارية هيمنة رموز تجمعية

المحطة المهمة هي يوم 14 جانفي ساعات قبل رحيل بن علي. حينها صرح وزير الخارجية آنذاك (أي عندما كان بن علي لايزال في السلطة) كمال مرجان الى اذاعة "أوروبا 1" بما يلي: "تشكيل حكومة وحدة وطنية في البلاد أمر ممكن و طبيعي تماما"، و اضاف: "إنه باعتبار سلوك أشخاص مثل السيد أحمد نجيب الشابي أعتقد ذلك يصبح أمرا ممكنا بل هو عادي تماما ". و مرجان هنا يتحدث عن خطة انتقالية بحضور بن علي إذ اشار بوضوح في تصريحه الى أن: "هناك انتخابات تشريعية سابقة لأوانها"، مشيرا إلى "أن الرئيس قبل مبدأ إجرائها قبل الانتخابات الرئاسية لسنة 2014". أتى ذلك أيضا إثر خطاب 13 جانفي للطاغية الهارب الذي التزم فيه بعدم الترشح سنة 2014 و إطلاق الحريات العامة و إجراء انتخابات تشريعية. يجب التأكيد هنا أن مرجان أدلى بهذه التصريحات صباح 14 جانفي (تم نشر الحوار الساعة الثامنة صباحا) و في تعليق على خطاب 13 جانفي و في سياق الدفاع على تواصل سلطة بن علي.
ما يثير الانتباه أيضا هو تصريح الشابي في ذات اليوم (في تفاعل مع تصريح مرجان) الذي جاء فيه: "إن الخروج من الأزمة الراهنة يمر عبر تشكيل حكومة ائتلافية، يكون من مهامها تهيئة الأجواء لانتخابات رئاسية وتشريعية حرة." للاشارة مرجان كان في اجاباته أعلاه متفاعلا مع سؤال لصحفي "أوروبا 1" ذكر بمقترحات الشابي التي أعلنها يوم 11 جانفي
ما يمكن أن نستنتجه من المحطتين أعلاه أن الشابي طرح تشكيل حكومة تحت إشراف بن علي و طبعا تحت قيادة الحزب الحاكم "التجمع" ببرنامج "تنموي" و "انتقال للديمقراطية" و "محاربة الفساد" إلى سنة 2014. الشابي بدى متشبثا بعدم تبني موقف المطالبة بتنحي بن علي بما في ذلك الى يوم 14 جانفي. و يبدو أن هذا "السلوك" (على حد وصف مرجان) جعل موقفه مقبولا من قبل السلطة، التي قررت تشكيل "حكومة الوحدة الوطنية" (لاحظ ذات التسمية التي تم استعمالها مع حكومة الغنوشي المعلنة يوم 17 جانفي)، قبل تطور الاحداث و حدوث انقلاب داخل السلطة أدى الى التضحية ببن علي مقابل الحفاظ على هيمنة "التجمع" على السلطة. و فقط ضمن هذا المنظور يمكن أن نفهم سر الاصرار على استمرارية هيمنة رموز "تجمعية" على وزارات السيادة بل أحيانا تواصل وجود وزراء معينين في مواقع محددة من حكومة بن علي الأخيرة. في نهاية الأمر نحن ربما حتى في علاقة بتشكيلة و أشخاص و توزيع حقائب "حكومة الوحدة الوطنية" إزاء ذات الحكومة التي كان يتم التحضير للاعلان عنها إثر خطاب 13 جانفي، ناقص شخص بن علي
طارق الكحلاوي

Commentaires

Articles les plus consultés