كان يجب أن يوجد رد فعل مناسب من تونس حيث انطلق "الربيع العربي" في سياق انهار الدماء الجارية في سوريا.. قرأت في اليومين الماضيين بعض الشهادات التي من غير الممكن الطعن فيها بسهولة ومن الواضح أنه حتى بمعارضة مسلحة فإن الأخيرة اضعف بكثير من أن تمثل خطرا يستوجب قصف الاحياء السكنية مثلما حصل بلا شك في حمص... لكن أيضا من الواضح أن النظام السوري لا يقوم بالقتل بشكل آلي، وحسب نفس الشهادات، يحاول في الاشهر الاخيرة تجنب القتل خاصة في المدينتين الاهم في الانتفاضة (حمص وحماه).. ورغم ذلك كانت هناك قائمة من الخيارات الديبلوماسية التي كان يمكن لها استباق قرار طرد السفير السوري و(الاهم) سحب الاعتراف بالنظام... منها استدعاء السفير التونسي وتجميد اي اتفاقيات مشتركة بين الجانبين... ويبدو لي الآن أن القرار لم يستنفذ المشاورات اللازمة داخل السلطة قبل اتخاذه.. لكن في كل الحالات قرار عديد الدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا ودول الخليج فقط بالأمس واليوم بشكل متناسق سحب سفرائها (وليس طرد السفير السوري وسحب الاعتراف) يعكس أن القرار التونسي كان فعلا مستقلا توقيتا ومضمونا وعلى مستوى الحدة.. على عكس الدعاية السطحية التي تتحدث على أن القرار يعكس التبعية لبعض العواصم في الخارج
في المقابل البعض يزايد الآن بأن رؤساء ديبلوماسية تونس ما قبل جانفي ٢٠١٢ لم يقومو بأخطاء؟ اذا كان لدينا ذلك الانطباع فلإنهم كانوا أقرب الى الجماد واللاموقف... ديبلوماسية تونس كانت بسيطة وتتمثل في التعبير عن اي موقف اخيرا او عدم التعبير عن اي موقف اصلا.. مثلما يقال: "أولائك الذين لا يقومون بأخطاء يقومون بأكبر الاخطاء، أنهم لا يحاولون القيام بأي شيء جديد"... والهدف الاساسي فيها هو تسخير الديبلوماسية للدعاية لنظام الفرد الواحد وحمايته خارجيا... حتى تحولت السفارات الى مراكز امن وشرطة متقدمة في الخارج... السلطة الجديدة ستقوم بأخطاء مادامت تبادر وتخترق مواقف الصمت وذلك قدرها لأن تونس الان بلد متحرك وفي حالة تحول حقيقية.. لكن ليس المهم عدم القيام بأخطاء (لأن القاعدة هي أن نقوم بأخطاء) بل المهم دائما القيام بأخطاء أقل.. كما يقول تشرشل: "كل الناس يقومون بأخطاء، لكن فقط الحكماء منكهم يتعلمون من أخطائهم".. ويجب أن نتمنى أن يكون من في السلطة اليوم من الحكماء.
طارق الكحلاوي
http://www.facebook.com/kahlaoui.tarek
Commentaires
Enregistrer un commentaire